المدرسة هي الحضن الدافئ الثاني الذي يلتقط الأبناء لإستكمال ما بدأته الأسرة من تربية وتهذيب وتعليم وغرس الفضائل والقيم والمبادئ وأنماط السلوك الصحيحة بداخلهم والتي تشكل وعيهم وسماتهم الشخصية، وهي إحدى المؤسسات التربوية المسؤولة التي أوكل لها المجتمع تربية الأبناء وإعدادهم إعدادًا صحيحًا حتى يصبحوا أفرادًا صالحين وفعالين في مجتمعهم مستقبلًا.
وبما أن المخدرات إخترقت كل الأماكن الحيوية في الوطن العربي خاصة المدارس والجامعات بصفتهما من أشهر وأكبر المؤسسات المعنية بتربية وتعليم أكبر عدد من النشء -جيل المستقبل- الذي هو المبتغى والمراد الأول لمروجي وبائعي المخدرات، ينبغي على كل مؤسسة تربوية تعليمية أن يكون لها دور فعال في التصدي لظاهرة الإدمان، وذلك بالتنسيق المستمر بين وسائط التنشئة الإجتماعية في المجتمع، ووضع برامج ومشروعات تعليمية تستهدف مكافحة آفة المخدرات ووقاية الطلاب من الوقوع في براثنها..
هناك بعض الإجراءات الإحترازية والتدابير الوقائية التي يمكن للمدرسة أن تأخذ بها وتطبقها كي تجنب المتعلمين أخطار السقوط في شراك تعاطي وإدمان المخدرات، ومن بينها:
= أولًا) تقوية الوازع الديني لدى الطلاب:
من المهم أن تحرص كل مدرسة على الإهتمام بالبعد الديني في بناء شخصية الطلاب وتنمية قواهم الروحية عن طريق تأصيل وزرع الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر بداخلهم، لأن ضعف الوازع الديني هو أحد الموانع الرئيسة للهزات النفسية والإجتماعية التي قد يواجهها الفرد بصفة عامة في الحياة.
= ثانيًا) توعية التلاميذ:
منذ دخولهم المدرسة بخطورة المخدرات والعقاقير التي تؤدي إلى الإدمان بشكل عام وحثهم على عدم تناول أي أدوية دون إستشارة الطبيب، ويتم ذلك من خلال إقامة بعض الندوات الطبية لجميع المراحل التعليمية بشكل دائم.
= ثالثًا) وضع برامج تعليمية:
موجهة لمكافحة المخدرات يقوم بوضعها متخصصون في مجالات الطب وعلم الأدوية وعلم النفس وعلم الإجتماع والتربية والخدمة الإجتماعية، بحيث لا ترتكز هذه البرامج على المعلومات الشفهية بل ينبغي أن تمد التلاميذ بمهارات تمكنهم من الإستفادة من المعلومات التي حصلوا عليها وتنمي فيهم ميولًا واتجاهات مضادة للمخدرات، وتغرس فيهم قيمًا تحميهم من الوقوع في براثنها، وتساعد الذين يعانون من مشكلة التعاطي على الإقلاع عنه وتبصيرهم بالمخاطر المترتبة على الاستمرار فيه، وحبذا لو ضمن كل معلم مادته التي يقوم بتدريسها كمًا وكيفًا من المعلومات المتعلقة بظاهرة تعاطي المخدرات وتأثيراتها.
= رابعًا) اتباع نظام الكشف الصحي الدوري:
والذي يمكن من خلاله متابعة بعض الأمراض التي قد يصاب بها الطالب والتي تقتضي تعاطي بعض المسكنات، مما يحول دون الإدمان وبحيث يساعد ذلك على إكتشاف حالات التعاطي في وقت مبكر.
= خامسًا) شغل أوقات الطلاب:
من خلال إثراء النشاطات الصيفية وإقامة المعسكرات وإجراء المسابقات والمنافسات وتقديم الجوائز وغير ذلك من أنواع الأنشطة التي تحقق لهم المتعة والجهد وتملئ لديهم الفراغ وتنمي ميولهم وهواياتهم وتزيد من فرص تفاعلهم الاجتماعي.
= سادسًا) التأكيد على أهمية تقوية الاتصال بين المدرسة والبيت:
مما يساعد على متابعة الطالب والتعرف على الأمور غير الطبيعية التي قد تطرأ عليه من الناحية الصحية والنفسية والعقلية، الأمر الذي يعين على الاكتشاف المبكر لحالات الإدمان وسرعة علاجها.
= سابعًا) تودد وتقرب المعلم من طلابه:
على المعلم أن يشعر الطلاب بحبه وقبوله لهم ويحاول بقدر الإمكان أن يقرب منهم ويستمع إلى مشكلاتهم للمساهمة في حلها، حتى يطمئنوا له ويثقوا به، كما يُستحَب أن يحفز المعلم ويشجع مَن وقع من طلابه في أسر المخدرات على العلاج وتحمل الآلام التي سيعانون منها أثناء مرحلة العلاج، فهي أخف بكثير من الجحيم الذي سيعيشون فيه هم وأسرهم إذا إستمروا في طريق المخدرات المهلك، وعليه أيضًا أن يمنحهم الأمل والرغبة في الحياة، ويحدثهم عن المستقبل المضيء الذي سيصنعونه بأنفسهم لو إستجابوا للعلاج وتماثلوا للشفاء..
حفظ الله أبناء الأمة العربية والإسلامية من شر الأشرار وكيد الفجار الذين يدبرون لهم المكائد والمؤامرات بالليل والنهار، آمين يا رب العالمين.
الكاتب: هناء المداح.
المصدر: موقع رسالة المرأة.